تنطلق السينما والفلسفة مما هو دنس؛ من الآراء والصور والممارسات ومن الخصوصيات والتجارب الإنسانية، كل منهما يراهن على إمكانية السمو بالفكر من خلال المادة المتواجدة، وعلى أن الفكرة لا تتأتى دائما من ذاتها، بل قد تكون وليدة نقيضها تستوجدها القطيعة مع الواقع، وأن أصل الصورة هو ما يعرضه العالم من مشاهد وما يحتويه من قذارة لامتناهية. في كلتا الحالتين يعتبر العمل صراعا وتقاسما في آن واحد
عمل الفلسفة أن تخرج بخلاصات مفاهيمية تصورية متى تم إدراك مرحلة القطيعة، وعمل السينما أن تدرك الخلاص من صراعات العالم الأكثر ابتذالا. ذاك إذن وجه الشبه الذي يتقاسمانه
فوق كل ذلك، تعتبر السينما بالنسبة لنا نحن الفلاسفة، فرصة تظهر قوة الطهارة وقوة إدراك المحصلة، وإمكانية وقوع أمر ما رغم أن الأسوأ يحتل المكان
في العمق، تقدم السينما للفلسفة درسا في الأمل لاستشراف المستقبل، فمن خلال معالجتها لما هو وضيع كالعنف والخيانة والفجور، تتوجه إلينا نحن الفلاسفة قائلة أن لا شيء يمكن أن نخسره، وأن هيمنة هذا الواقع لا تعني غياب الفكر، بل إن هذا الأخير قد يسمو من خلال هذا الوضع. من المؤكد أن سيادته لا تتحقق بصفة دائمة ولا تحدث بالضرورة في كل مكان، لكن ثمة بالتأكيد انتصارات
ألان باديو
(فكر السينما)
2003